أخرج ابن ماجه ( 3463 ) عن أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( شفاء
عرق النسا ألية شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم يشرب على الريق في كل يوم جزء ) وصححه
العلامة الوادعي في " الصحيح المسند " ( 111 )
قال ابن القيم في زاد المعاد ( 1 / 83 ) : وهذا الحديث فيه معنى لغوي ، ومعنى طبي .
ـ فأما المعنى اللغوي : فدليل على جواز تسمية هذا المرض بعرق النسا خلافا لمن منع هذه التسمية وقال :
النسا هو العرق نفسه ، فيكون من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، وهو ممتنع .
وجواب هذا القائل من وجهين :
أحدهما : أن العرق أعم من النسا، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص نحو : كل الدراهم أو بعضها.
الثانى : أن النسا هو المرض الحال بالعرق ؛ والإضافة فيه من باب إضافة الشيء إلى محله وموضعه ،
قيل : وسمى بذلك لأن ألمه ينسى ما سواه ، وهذا العرق ممتد من مفصل الورك ، وينتهى إلى آخر القدم
وراء الكعب من الجانب الوحشي فيما بين عظم الساق والوتر .
ـ وأما المعنى الطبي : فقد تقدم أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نوعان :
أحدهما : عام بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال .
والثاني : خاص بحسب هذه الأمور أو بعضها وهذا من هذا القسم ؛ فإن هذا خطاب للعرب وأهل الحجاز
ومن جاورهم ، ولا سيما أعراب البوادي فإن هذا العلاج من أنفع العلاج لهم فإن هذا المرض يحدث من
يبس وقد يحدث من مادة غليظة لزجة فعلاجها بالإسهال و"الألية" فيها الخاصيتان : الإنضاج والتليين ففيها
الإنضاج والإخراج وهذا المرض يحتاج علاجه إلى هذين الأمرين اهـ
قلت : نتحدث عن عرق النسا من أوجه .
تعريف عرق النسا :
عرق النسا بتشديد النون وفتحها هو ألم بدايته مفصل الورك ونهايته بحسب قوة الإصابة فينزل وينزل حتى
يصل إلى كعب القدم وربما أصاب القدمين معاً ومع شدة ضراوته تهزل معه الرجل والفخذ وربما شعر بأنها
تقصر في نفس الوقت .
أسباب عرق النسا :
وأسبابه كثيرة ومن أشهرها وأظهرها .
- يحدث من يبس .
- وقد يحدث من مادة غليظة لزجة .
- ضغط واعتلال العصب الوركي .
- الانزلاق الغضروفي .
أعراض الإصابة :
تسبب الإصابة بمرض عرق النسا الضعف الحركي في المشي و الاحساس بالتنميل والخدر فى الرجل والألم
علاج عرق النسا :
والدواء الأمثل لعلاج هذه الإصابة هو ماسبق في حديث النبي عليه الصلاة والسلام ولاغبار بالانتقال بين
أنواع الأدوية ولكننا لاننصح أبداً بإهمال الدواء النبوي وتقديم غيره عليه ؛ فإن ذلك يدخل ولو من معنىً بعيد
في قوله تعالى : { قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وفي بعض روايات الحديث ، قال أنس بن
سيرين : ( فنعت ذلك لجماعة كثيرة فبرءوا بإذن الله تعالى ) مع مراعاة كلام المؤلف السابق أن هذا العلاج
يتناسب مع العرب وأهل الحجاز ومن جاورهم .
وبعضهم يعالجه بالكي أو بالحجامة أو بجلسات التدليك الرياضي وربما يلجأ المصاب للعملية الجراحية وكل
ذلك يعود لتقرير الطبيب الحاذق ، وأما نحن فنقول : بادر للتداوي بإلية الشاة الأعرابية قبل أن تتجه لأي
علاج عواقبه مجهولة .
قال شعبة رحمه الله : حدثني شيخ - في زمن الحجَّاج بن يوسف - في عرق النسا ، يمسح على ذلك الموضع
ويقول أقسم لك بالله الأعلى لئن لم تَنْتَهِ لأكوَينَّك بنارٍ أو لأحْلِقَنَّكَ بمُوس اهـ
ما هي ألية الشاة :
بحثت كثيراً للتأكد حول الفرق بين الألية والذيل وهل الألية هي الذيل أم هي الأرداف وكلما رأيتُ قولاً في
كتاب رأيتُ ما يناقضه في كتابٍ آخر ، ثم رأيت قرينتين تنصر الفرق بين الألية والذيل :
- الأولى : بعد مزيد من البحث رأيت من يقول : الألية مفرد لأليات وومثناها أليتين ، ومعلوم أن الشاة ليس
لها ذيلين فيكون الألية أي مؤخرة وهي الأرداف ، ولكنه يحتمل التفريق بين ألية الانسان وألية الحيوان فألية
الإنسان أردافه وألية الحيوان ذيله .
- الثانية : عدت لكتب الفقه وبالتحديد أبواب الأضحية بالمعابة فرأيتهم يذكرون فقه الأضحية بالبتراء
ويقولون : وهي مقطوعة الذيل أوالألية ففرقوا بينهما فدل أن الألية عندهم غير الذيل ، ولكنه يحتمل أنهم
يقصدون بالذيل لما لا ألية له وهو الماعز والألية للخروف خاصة .
الراجح : و قد وصلت للحد الفاصل مستندا لقول إمام في المسألة وهو الإمام الهروي رحمه الله تعالى في
كتابه " إسفار الفصيح " ( 1 / 76 ) قال : وهي ألية الكبش بفتح الهمزة وسكون اللام : ( لذنبه ) ( وتجمع
أليات ) بفتح اللام ( وكبش أليان ) بفتح اللام : أي عظيم الألية اهـ
أ/ أبو العباس أنور الرفاعي
أخصائي الطب النبوي و التكاملي